محزن جدا ما آل إليه الاعلام العربي، وخصوصا الاعلام العراقي، حيث سيطرت منابع التمويل على مسيرتها وربما يجدر القول الى تراجعها، ولست بصدد التطرق الى الجانب المظلم الذي يعيشه الاعلام الحكومي، لكن ومع تطور الاعلام الاجتماعي اصبح من الصعب تصديق اي خبر او قصة حتى وان كانت مدعومة بالصور او الملتيميدا.
امسينا بحاجة للتحقق من مصادر الاخبار وعن مصادر اخرى مثل التقنيات والشهود، المشكلة الاكبر لا تكمن في الاذرع والاغصان المشكلة الاكبر في الجذور، في المراكز صناعة الاخبار.
اليوم وانا اتصفح حسابي على الفيس بوك، وجدت صورة لجندي يصافح طفل، مصحوبة بقصة مفادها ان جدي عربي استقبل طفل سوري وصافحة بيده اليسرى، فلما سال الجندي عن التصافح باليد اليسرى قال: "اخفيت سلاحي خلف ظهري بيدي اليمنى، كي لا يتذكر الطفل مشاهد العنف التي عاشها"
خمنت الحدث قبل قرأت القصة، لانها اشبه ما تكون بالدعاية للجندي العربي، وبما ان القصة كانت مرتبطة باسم احدى الدول العربية (المملك الهاشمية الاردنية) دخلت الرابط لاكمل القصة.
هذه الصورة كما نشرت على الفيس بوك ويمكن الضغط هنا لقرات المنشور |
للاسف الروابط لم تكن لموقع رسمي ولكن كانت لمدونة لم استطع التأكد من اسم المدونة، لكن الاهم من اسم المدونة هو الخبر الموجود فيه، اتضح لي حسب المدونة ان الجندي ليس جندي اردني بل هو جندي عراقي، وان من نقل الخبر من المدونة الى الفيس بوك حرف الحقيقة.
صورة للخبر كما نشر في المدونة يمكن الضعط هنا لقرأت الخبر على المدونة |
والان بعد مشاهدة الخبرين ايهما تصدق؟ خصوصا ان الصور لا تحمل علم لدولة معين او المكان ليس واضحا بالشكل الذي يظهر معالم احدى الدول.
ان كنت صدقت احد الخبرين للاسف فلقد خدعت، ان كنت تعتقد ان الجندي عراقي، هل شاهدت جندي عراقي يرتدي هذا الزي هو اقرب الى زي الجندي الاردني، اما اذا كنت صدقت ان هذا الجندي اردني نعم هذا الجندي اردني لكن ارجع الى بداية القصة التي رويتها لكم هي اصلا الخدعة.
احدى الصور للجندي العربي والطفل السوري |
كما تشاهدون هذه احدى الصور التي سبقت التصافح صورة الجندي وهو يمد يده اليمنى ليصافح الطفل، لكي تتاكد من ان الصور ليست معكوسة يمكن ذلك من خلال وضعية قدم الجندي حيث لا يمكن حتى للاعسر ان يمد رجله اليسرى مع يده اليسرى، بالاضافة الى ذلك ان الصورة عفوية حيث ان الطفل مستعد للتصافح باليد اليمنى كما هو معتاد فقد وضع قطعة الخبز بيده اليسرى.
ان ما حصل هو احدهم اختلق دعاية بطولية نبيلة للجنود وجاء الاخر فسرق الاختلاقة وحورها باسم جنوده، والقصة يشوبها شكوك كثيرة عن ثقافة ووعي الجنود العرب في التعامل مع نفسيات الاطفال.
محمد عبدالله علي / كركوك
1 Comments