رسالة من مدون عراقي الى الدكتور تحسين الشيخلي

ان خوفنا المشروع كمدونين من الفهم الخاطئ لقانون (جرائم المعلوماتية) هو الدافع الرئيس لرفضه، واننا على يقين ان القانون في كل بقاع العالم وضع لتطبيق العدالة بين الناس ولإحقاق الحق، ولكن احيانا (كلمة حق يراد بها باطل).

كان اللقاء الاول بيننا ايجابيا بالنسبة لي فقد ازال جزء من مخاوفي الشخصية كمدون، وتوضحت بعض الاشياء التي قد نكون نحن المدونين نتخوف منها، واحدى هذه الاشياء هي كيف سيتم تفسير القانون؟ على سبيل المثال ماذا تقول لشخص ينشر صورة لتظاهرة في ساحة ما ؟! هل تعتبر هذا العمل جريمة ام لا؟ الجواب سيكون أحد هذين الاحتمالين الاول لو فرضنا اننا اردنا تجريم الناشر ستكون الصورة مخلة بالنظام العام ودعوة للفوضى والتظاهر وحينها يكون نعم جريمة، اما اذا اردنا تبرأته سنقول انها حرية التعبير التي يتمتع بها المواطن العراقي، في النتيجة القانون سيكون لمن يجيد استخدامه.


وهذا لا يعني ان القانون مصاغ بشكل دقيق وخال من العيوب، انما من قام بكتابة هذا القانون اراد به ارهاب واخافة الناس اكثر من كونه وثيقة عدل ومساواة، اذا ما قارنا القانون العراقي لجرائم المعلومات مع قانون دولة اخرى كالامارات والسعودية، تجد مدى احترام الحكومة لمشاعر الناس قبل تأديبهم بالحبس والتغريم.

خلال مطالعتي لقانون الجرائم المعلوماتية لدولتي الامارات والسعودية وجدت ان عقوباتهم سنة او اكثر او غرامة مالية او الاثنين معا، بينما قانوننا يعاقب بالسجن المؤبد والغرامة المالية التي تصل احيانا الى خمسين مليون.

ان خوف المدونين ليس من مواد القانون فهم على دراية بما يفعلون، ولكن الخوف ان يكون هذا القانون أداة للقمع وذريعة لزج كل من لا يروق للحكومة كلامه، كما اصبحت (المادة اربعة ارهاب) لاعتقال أي شخص لم يمش بأهواء الحكومة.

المدونين اليوم هم فريقين الاول مؤيد للقانون وهؤلاء هم الذين واثقون من كتابتهم ويعتقدون انهم لن يقعوا في شراك وفخاخ القانونيين او هم من العراقيين الذين يسكنون خارج العراق، والفريق الثاني هم الرافضون للقانون وهم الذين نزلوا ساحات التظاهر وتعرضوا للضرب والاهانة والاعتقال.

رأيي ان مشاركة المدونين في صياغة القانون كان سيحقق هدفين مهمين، الاول ان القانون كان سيلاقي قبولا من قبل مستخدمي شبكات الانترنيت ويساعدهم في زيادة وعيهم والخروج بقانون، والثاني انه كان سيساعد في كسب الثقة بين الحكومة والشباب وبالتالي كسب حلفاء على اتصال دائم مع العالم .

لا أخفيك سرا اني اتأمل بعض الخير الذي لم اتأمله من احد قبلك لسببين، الاول اني التمست في حديثك الحث على زيادة وعي المدونين وهذا دليل على حرصك عليهم، والثاني انك الاقرب الى مجتمعنا الافتراضي بحكم شهادتك العلمية.

في النهاية كل ما يسعى اليه المدونين هو كسب بعض الحقوق مقابل العقوبات التي وضعت، فالقانون الحقيقي الذي يحد من جرائم المعلوماتية هي اخلاق المدون او مستخدم موقع التواصل الاجتماعي، وليس القانون.

محمد عبدالله
......................................................................



4 Comments

Naw Fal said…
رسالة ممتازة وقراءة جيدة لقوانين الدول العربية بخصوص جرائم المعلوماتية
حلو محمد عاشت ايدك خليت ايدك على الجرح و صغت الرسالة بشكل مناسب و خاصة عندما قدمت امثلة عن قوانين الدول الباقية
شكرا محمد بأسمي اشكرك
mohmed kerkuk said…
شكرا شباب على مرورك وشكرا على جهودكم لوقف تمرير القانون.
Anonymous said…
سيدي الفاضل ....
ابتداءا أود أن أعرب عن بالغ سعادتي بلقائي بكم ... أن أيماني بقدرة المدونيين على أحداث فرق في مجتمعاتهم هو الذي يدفعني للتواصل معهم.
كل هواجسك مشروعة ، فالمدون أختار مساحة الحرية التي يوفرها له المجتمع الافتراضي وبدأ بالتعبير عما يجول في خاطره ... وهنا تكمن المشكلة أليس من حقك أن تحافظ على هذه المساحة من أي أنتهاك .. أليس لزاما علينا أن نضع الضوابط التي تنظم هذا المجتمع ليتمتع بالحرية لا ان يكون ابحار في فوضى ... أذا كان الاعتماد على ضوابط اخلاقية غير مدونة يلتزم بها الجميع ، لابأس بذلك فهي شرعة اخلاقية ولكن ما الضير في التقنين ، هل ان القانون بني على تقييد الحريات ام صيانتها؟ الجواب كلاهما فهو وضع لحماية مساحة الحرية بتقييد الحرية التي تتعارض فانت تنازلت عن حقك بالحياة وسمحت للقانون بسلبك اياها اذا ارتكبت جريمة قتل وسلبت حياة انسان اخر !!!
اذا لا بأس بالقانون ولكن ليكن عادلا
أحتراماتي وشكري لسعة صدركم

الدكتور تحسين الشيخلي