الناس يستلذون بلفات الباعة المتجولون في شوارع اربيل

الناس  يستلذون بلفات الباعة المتجولون  في شوارع اربيل
احد الباعة: انا متجاوز على الحق العام واعترف بذلك، وهذا يجعلنا بعيدين جدا عن الحكومة

 محمد عبدالله



بداء يحرك اللحم على مقلاته النحاسية بعد ما اضاف اليه القليل من الزيت. كان الناس يساورون عربة (محمد كمال) الواقفة على جانب الطريق في سوق قرب من القلعة في منطقة (تعجيل) وسط اربيل بانتظار ان يعد لهم اللفات (الساندويشات)  عندما بدأت حركة السوق بالدبيب.


 تتقاذف حبيبات الزيت الى جوانب العربة كلما اشتدت سخونتها، اشعت الشمس اخترقت بعض الثقوب الموجودة على الغطاء القماشي وصبت على وجهه الداكن، قال وهو ينقل اللحم الى صمون حجري: " نعم انا اعترف اني متجاوز، ولكن ..."  واعاد نظره الى المقلاة بعد ان فاحت رائحة الزيت المحروق.

منذ سبع سنوات ومحمد كمال يقف وقفته ذاتها امام عربته المستطيلة الشكل ذات العجلات الثلاثة كل يوم، الشاب الذين ناهز الثلاثين عام وجد قوته وقوت عائلته من هذا العمل البسيط، برغم ان بعض المحال تناقلت خبر مفاده ان الحكومة المحلية قد منعت الباعة المتجولين الا انه هناك البعض لم يبالي للقرار. وينشط عمل الباعة المتجولين في الليل ويقبل الناس كثيرا حول هذه العربات.

ان البيئة الاجتماعية الاسلامية التي تربى عليها ابناء هذه المدينة جعلت الجميع راضي بما "يقسمه الله" له كما يقول (مهند هيمداد) صاحب محل (فلافل وانت ماشي) للمأكولات السريعة : "ان عربات بيع اللفات لا تؤثر على عملنا، فليس هناك فروقات بين الاطعمة التي نقدمها والتي يقدمونها وحتى الاسعار متقاربة جدا، يبقى شيء وحيد هو رغبة الزبون هو الذي يأخذ الى حيث يشتهي."

كان المكان يزدحم شيئا فشيئا الى ان وصل الى ثمان اشخاص بينهم شباب ورجال كبار بانتظار لفات محمد كمال، مما جعل حركته صعبة خلفة عربته ذات المترين رغم ذلك ضل محافظا على ابتسامته التي رسمها على جانبي فمه يقول محمد كمال: " انا متجاوز على الحق العام واعترف بذلك، وهذا يجعلنا بعيدين جدا عن الحكومة، ولكن ما البديل ان ايجارات المحلات باهضه، و لا يمكننا الحصول على اجازات صحة كما هو في الدول الاخرى، وورائنا عوائل وبيوت" كان يتكلم وهو يحرك اللحم في المقلاة وعيون الزبائن تتأرجح مع ملعقته واجسادهم ساكنه مستسلمين لمنظر ورائحة اللحم المقلي التي فاحت في الهواء.
وقف عشرة اشخاص خلفه يتجاذبون الكلام ويردون عنه الأسئلة، هناك خلف العربة كانت اصوات تتعالى وتنخفض تقدم ازاد محمد الذي كان يضع يده اليسرى في جيبه ويحرك اليمنى وهو يتكلم قال: "منذ ستة اشهر وانا أأكل من هنا ان طعامه ذو نكهة  مميزة، وانا واثق جدا من نظافة ما يقدمه ولا استبدل الاكل عنده بطعام المحلات، " وهناك في الخلف كان شاب يصرخ "انا منذ ثلاثة سنوات أأكل عنده."

ان ما يقدم من الاطعمة ليس متشابها، فمحمد كمال يضيف لحم العجل الى اللحم الذي يشتريه من السوق كما يدعي ويعتقد ان هذا السر او السحر الذي يجعل الناس يقبلون عليه، بينما لا يستطيع اصحاب المحال استعمال لحم العجل الذي يصل سعره 15000 دينار للكيلو، بسبب الايجار والكهرباء والماء، الذي لا يدفعه محمد كمال فيعوضه في نوعية الطعام.

بسبب الاقبال على الاطعمة السريعة مثل اللفات والمشويات خصوصا في المساء، جعل عربات الباعة المتجولين تتجاوز على الملك العام بالوقوف في الشوارع وشغل موقف سيارة، وهذا ما تشاهده عن دخولك شارع الاسكان احد الشوارع القديمة الذي يعود عمره الى ثمانينات القرن الماضي ويدب فيها الحياة حتى ساعات الصباح، ويتوزع على جانبي الشارع محلات والمطاع بالاضافة الى عربات بيع الباقلاء والحمص المسلوق وباعة الشلغم (اللفت) تتصاعد الابخرة البيضاء من العربات في الليلي الباردة، وليس فقط الناس عاديين هم الذين يرتادون الشارع تجد رجال الشرطة والمرور موزعين في الشارع يقول (فرهاد قادر) رجل المرور: "لم نتلقى اي تبلغ بمنع الباعة من الوقوف في الشارع واضن ان الشرطة كذلك فانهم يمرون من هنا دائما ولم يقوموا بمنع احد حتى الان، واحيانا هم يقفون لتناول العشاء لديهم،"

رغم امتعاض البعض من الباعة المتجولون وتوفر محلات بيع الاطعمة  الا ان هناك الكثير من الناس يفضلون تناول طعامهم من العربات لما فيه من متعة ولذة من خلال طريقة التحظير الى البساطة ويبقى الشيء الذي يؤمن به جميع الباعة واصحاب المحال والناس الا وهو "قسمة الله" للرزق.

 ....................................
ملاحظة: بعض الاسماء ليست حقيقية، وبناء على طلبهم لم تنشر الاسماء الحقيقية.

0 Comments