محمد عبدالله / كركوك
بدأت عمليات بناء السلام وحفظه في عام 1948، من قبل امم المتحدة لحفظ السلام بين الاسرائيليين وجيرانهم العرب، ومن حينها نشرات قوات عسكرية ومدنية في مناطق عدة من الشرق الاوسط.
في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ارتفعت الأصوات التي تنادي بتعزيز ودعم ثقافة السلام، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت إعلان ثقافة السلام، الذي أعتبر مرشداً عاماً للحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع الدولي لدعم وتعزيز ثقافة السلام.
سعت منظمات المجتمع المدني الى نشر ثقافة السلام بطرق عدة كالتدريب، التوعية، واصدار منشورات ونشر رسائل من قادة المجتمع والشخصيات المؤثرة فيها.
اصبحت المنظمات في السنوات الاخيرة تتجه نحو مواقع ومدونات ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي في كركوك لنشر ثقافة بناء السلام ونبذ العنف كواحدة من وسائل الاعلام.
احدى هذه المدونات مدونة (بناء السلام) التي تقوم على اساس اشراك رجال الدين من الديانات والطوائف في كركوك في عملية بناء السلام من خلال نشر رسائلهم التي تحث الناس على التعايش مع بعضهم بسلام.
بشرى محمد |
اوضحت (بشرى محمد) مديرة مشروع بناء السلام في مركز (بنا) لإزالة العنف ضد المرأة، الهدف من استخدام المدونة قائلة: " فكرة المشروع هو جمع رسائل رجال الدين وتدوينها على الانترنيت لكي تبقى مرجعا، وتكون سهلة الوصول اليها في اي وقت."
اصبح الاعلام الإلكتروني ومواقع تواصل الاجتماعي من ركائز الاعلام القوية، خصوصا بعد التغييرات التي حصلت في البلدان العربية والتي كان للاعلام والإلكتروني الدور الرئيس في اقمتها وتحريكها، والان تعتبر من الادوات القوية والفاعلة في مجال الاعلام.
تبين بشرى دور مركز (بنا) في المشروع الذي جمع رجال الدين من كركوك بورشة عمل في اربيل التي دعمها مشروع مد الجسور الثقافية، وقد تعايش رجال الدين مع بعض وبعد عودتهم قاموا بكتابة رسائلهم التي تحث على السلام ونشرها في المدونة ولايزالون مستمرون بنشر رسائلهم.
هناك عدد من الاسباب تدفع الناس الى بناء السلام الكترونيا فالمواقع الإلكترونية زهيدة الثمن مقارنة بالوسائل الاخرى، بالإضافة الى تساع رقعة انتشارها، وسرعة الوصول اليها ومتى ما شاء، وديمومتها الى زمن طويل.
شيخ عباس فاضل |
يقول الشيخ (عباس فاضل عباس) رئيس مؤسسة الحوار الانساني واحد كتاب: " العالم اصبح قرية صغيرة بفضل الانترنيت، ورسائلنا التي تنشر عبر المدونة تصل الى اكبر عدد من الناس وفي اي مكان في العالم بالإضافة الى سرعة وصولها اليهم."
اتجه الناس الى استخدام موقع التواصل الاجتماعي بعد الثورات العربية لما حققته من نجاح في التواصل بين الناس، ويستخدم مليون ونصف المليون في العراق موقع التواصل (فيسبوك)، فضلا عن مواقع اخرى كتويتر ويوتيوب، للتواصل وتبادل الثقافات ونشرها.
ويبين الشيخ عباس اهمية الوقت واصفا اياه "بالسيف الذي اذا لم تقطعه قطعك" وان المواقع الإلكترونية تختصر الكثير من الوقت ولا تمر بمراح التي يمر بها النشر الطباعي او التلفزيوني.
من السلبيات التي يعانيها السلام الالكتروني هو ان المواقع بحاجة الى اجهزة حاسوب واشتراكات الانترنيت وهذا ليس متوفر في جميع البيوت، ويضاف اليه ان الرسائل او المواضيع تكون مفتوحة للعالم اي انها لا تتركز على منطقة المستهدفة.
مفهوم بناء السلام وجد لتقليل حدة النزاعات في المناطق الساخنة او التي تعاني من خلافات وتشنجات بسبب في التركيبة السكانية، او تضارب مصالحة سياسية او اقتصادية, وعملية بناء السلام تمر بمراحل عدة وصولا الى السلام المستدام.
عدنان الجبوري |
يرى (عدنان الجبوري) فكرة المواقع والسلام الالكتروني مثير للاهتمام فهو يصف المدونة: "من الجميل ان ترى رسائل من رجال دين متنوعين يدعون الى السلام في مدونة واحد، خصوصا ان مجتمعنا يتأثر برجال الدين وعندما يتصفح احد المدونة ويرى رجل دين مسلم ومسيحي وكاكائي وصابئي يكتبون للسلام وكل شخص يحث على السلام عن طريق دينه، يبعث الطمأنينة في النفوس."
في المجتمعات الشرقية يعتبر رجل الدين الصادق من قياديي المجتمع ويكون له دور في بناء السلام من خلال مساهمته المباشرة او من خلال كلماته وخطاباته ورسائله، والناس يكنون لهم الاحترام والمكانة.
يضيف عدنان: "رجال الدين لهم تأثير على الناس، والناس عندما يرون اتفاق رجال ادين على السلام سيولد هذا بدوره روح التسامح في نفوس الناس."
رغم الجهود التي تبذلها المنظمات وجمعية الام المتحدة لبناء السلام الا ان السلام لا يمكن فرضه على الشعوب، وتسعى المنظمات والجمعية الى الاخذ بالطرق الدبلوماسية وتغيير الافكار والثقافات ونشر ثقافة السلام بين قادة والشعوب التي تعاني من نزاعات.
..................................................................................
* نشر في مجلة السلام ئاشتى في العدد الثاني لشهر حزيران 2012
1 Comments