محمد عبدالله / كركوك
" كنت اذهب كل سبت الى بيت جارنا اليهودي، اوقد لهم النار واضع فوقها القدور حتى ينضج الطعام وانزله واطفى النار فيعطوني بعض السكاكر والمعجنات، حينها كنت لم ابلغ العاشرة من العمر" وتضيف صبرية نيب 80 عام احدى سكان منطقة (بريادي)، "كانوا يتكلمون التركمانية مثلنا، واغلبهم كانوا يسكنون القلعة ومحلة (يهوديلر) ويسمون (قلعة جويت)"
سكن اليهود قلعة كركوك والمناطق المحيطة بها، واتسعت الرقعة التي يقطنونها الى بعض القصبات مثل قصبة صغيرة اسمها (جرداغلوا)، ثم هجروا من كركوك عام 1952، حسب ما ذكر المؤخين.
يقول وجدي مردان احدى سكان (الصوب الاخر) " كان رجلا محترما يدعى على ما أتذكر (موشي هبراعام) ، يلبس الصاية والزبون المقلم اللاماع. والتاجر اليهودي ( شاؤول موشي) الذي باع دكانه مع ممتلكاتها الى احد التجار من اهل كركوك قبل ترحيلهم الى خارج العراق".
يوجد على قلعة كركوك مسجد يذهب اهل كركوك لزيارته في المناسبات والاعياد، ويقال انها اضرح لثلاثة انبياء هم (دانيال، وحنين، وعزير) الذين ساقهم (نبوخذ نصر) مع بعض الاسر اليهودية بعد ان دمر دولة اسرائيل.
يقول عارف سليم 56 عام "كان على الجانب الاخر من (خاصة صو) ثلاثة تلال متقاربة نسبيا، فسخر (نبوخذ نصر) الاسرى اليهود لجلب التراب والاحجار من المناطق القريبة منها، وتكديسها بين تلك التلال، وهكذا تم تشييد قلعة كركوك. ثم سجن الانبياء الثلاثة، ولكن في العهد العباسي تم بناء مسجد فوق السرداب الذي جن فيه الانبياء، بأسم (جامع النبي دانيال) وباق الى الان".
تضيف صبرية: "اتذكر يوم اخرجوا من كركوك، كنت اشاهد جارتنا وماضية وهي تقول (سنعود الى بيوتنا وسنسترد جميع حقوقنا مهما طال الزمان) كنا حزينين عليهم فقد كانت تجمعنا بهم علاقات طيبة رغم اختلاف الديانة بيننا".
كان اليهود يحتفلون في المسجد يوم عيد (كيبور) اليهودي الذي يبدأ في ٦ تشرين الاول، بموافقة أمام وخطيب المسجد، كدليل على التسامح الديني الذي كان سائداً في المدينة.
توناي محمد70 عام "كنا حينذاك أطفالا نقف خارج المسجد لنضحك على زلوفهم وملابسهم وهمهماتهم قرب حائط المسجد، تبين لنا فيما بعد انها صلاتهم. وكان هناك يوم آخر، يتجمعون فيه خارج المسجد ويبكون قرب جدرانه، وعندما سألت جدتي ذات يوم لماذا يبكون قالت (يقولون انهم يتذكرون تدمير معبدهم في القدس وسجن النبي دانيال في هذا المكان)".
برغم ان اغلب لناس اتعايشوا في مع يهود العراق ولم يحسوا بالفرق في الوقت السابق الا ان هناك من يمتعض فقط من سماع اسم (اليهود)، والبعض الاخر يرى صورة اليهود في العنف الذي طال الفلسطينيين.
يقول حمدان خلف 24 عام: " سمعت ان هناك يهود كانو يعيشون في كركوك، لكن لا اعرف كيف استطاع الناس التعايش معهم؟ يكفي ما نراه في شاشات التلفاز ما يحصل في الشعب الفلسطيني من اسوى اساليب القتل والانتهاكات في حرمات الانساء والاطفال".
تعرض اليهود الى محرقة تسمى (هولوكوست) هذا المصطلح استخدم لوصف الحملات الحكومية المنظمة من قبل حكومة ألمانيا النازية وبعض من حلفائها لغرض الاضطهاد والتصفية العرقية لليهود في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية.
0 Comments