يتخرج كل عام اكثر من 200 طالب مختصين بالاثار والعراق يعاني من قلة في المنقبين المحترفين



محمد عبدالله
الاء محــــمد

السليمانية / كان يقف بالقرب من العاملة التي تصفي الماء الممزوج بالوحل لفصل الشوائب من البذور والنباتات القديمة، وهو يرشدها للعمل بلغة عربية ضعيفة، ويتحدث الإنكليزية مع طلابه بلكنة بريطانية في متحف السليمانية.
يقول مارك الطويل: "اتمنى ان يفتح قسم للاثار في السليمانية لكي اقوم بتدريس العراقيين فيه"
 مارك عراقي الاصل، امريكي الجنسية، يقوم باصطحاب طلبة من جامعة لندن الى العراق؛ ليقوموا بعمليات التنقيب عن الاثار ولا يوجد اي طالب عراقي يشارك الفريق المتكون من ستة اشخاص يعملون مع مارك في موقع (جرمو) غرب السليمانية.

اصبح علم الاثار امرا ثانويا منذ الحرب الاخيرة للعراق عام 2003... واصبحت معظم التنقيبات تجرى من قبل المنقبين الاجانب والقليل من المنقبين العراقيين الذين انظموا اليهم.

كمال رشيد، مدير دائرة الاثار في السليمانية يعمل جاهدا على تغيير هذا الشيء.
يبين كمال رشيد دور وزارته التي تبذل جهدا كبيرا للحصول على تنقيبات من قبل العراقيين في مدينته، وان السليمانية فيها اكثر من 800 موقع اثري غير منقب، والفرق الاجنبية هي التي تأتي للتنقيب، وهو يحاول ان يشرك موظفين اثنين من دائرته للمشاركة في التنقيبات التي تتم من قبل الاجانب، لتعلم مهارات جديدة وتكنلوجيا حديثة.

يتخرج كل عام حاولي 200 طالب من جامعة صلاح الدين، نينوى، بغداد، الناصرية، بابل والبصرة، على حد ذكر كمال رشيد، ولكن اغلبهم ليس لديهم خبرة. 

كان زهير رجب احد الاساتذة في جامعة بغداد عام 1970، وبعد تقاعده توجه للعيش في السليمانية يقول: "سبب عدم وجود منقبين عراقيين؛ ان الطلاب غير مكترثين للاثار وكل ما يهمه هو الحصول على شهادة لزيادة الراتب."

يرد كمال رؤوف عزيز على كلام زهير قائلا: "هذا رأيه الخاص وليس جميع الطلاب هكذا، انا واصدقائي الذين تخرجنا من جامعة صلاح الدين نحب التنقيب والعمل في الاثار."

قبل ثلاثة سنوات تخرج كمال عزيز و30 من زملائه من جامعة صلاح الدين قسم الاثار القديمة في اربيل، وتعين ما يقارب نصفهم في وزارة الاثار والوزارات المتعلقة بها، . "اما النصف الاخر من الطلاب لم يحصلوا على عمل في وزارة الثقافة والاثارة، فاتجهوا الى العمل في وزارات اخرى" وهذا خلاف ما يقوله رجب.

يؤكد كمال رشيد ان الفرص المتاحة للمنقبين الاجانب ذاتها متوفرة للمنقبين العراقيين.
يبرم اقليم كردستان كل خمس سنوات عقودا مع فرق منقبين من جامعات اجنبية، يعملون في موقع متفرقة من السليمانية، ويتكون كل فريق من 10 الى 30 شخص من ضمنهم رئيس البعثة والطلاب المرافقون له، حسب ما ذكر كمال رشيد.

"البعثات العراقية تحتاج الى دعم مادي وعلمي وتدريبات وتقنيات علمية، وتفتقر كوادرنا للأجهزة العلمية الحديثة." هذا ما قاله د. فاروق الراوي استاذ اللغات القديمة في دائرة اثار السليمانية، ويضيف "ان من ايجابيات التنقيب الاجنبية ان هناك موظفين اثنين من دائرة الاثار يرافقون البعثات الاجنبية في مواقع التنقيب لاكتساب الخبرات والكفاءات."

اكتسب كمال عزيز خبرة في استخدام التقنيات الحديثة في الكشف عن المواقع الاثرية وكيفية رسم مخططات للمواقع بالحاسوب قبل بدء التنقيب.

يوضح مارك كيفية قيامه بتطوير الكفاءات العراقية قائلا: "نقوم باصطحاب اثاري عراقي عندما نخرج للتنقيب في موقع ما، لكي يتعلموا كيفية استخدام الوسائل الحديثة في التنقيب، واحيانا يكون عدد افراد الفريق كبيرا ويعمل في موقعين في وقت واحد وهذا يتطلب اصطحاب عدد اكبر من الاثاريين العراقيين"

غادر مارك العراق عام 1982 الى مدينة شيكاغو في امريكا كان عمره ستة سنوات حينها، بسبب مرض اصاب والده واكمل دراسة الاثار في امريكا ومن ثم انتقل الى بريطانية ليعمل استاذ في جامعة لندن.

احد اسباب التي دفعت العراقيين الاعتماد على المنقبين الاجانب هو هجرة الكفاءات العلمية الى الخارج بسبب الوضع الامني والاقتصادي والسياسي، حسب ما ذكر كمال رشيد، ويعتقد ان هناك حاولي ستة منه في بريطانيا.

محاولة اخرى لتشجيع دراسة علم الاثار في البلاد، بفتح قسم الاثار في جامعة السليمانية، والتي لا تمتلك قسما حتى الان.

ويؤكد زريان حاجي مقرر قسم التاريخ في جامعة السليمانية ان الجامعة تعاني من قلة في الكوادر وليس فيها قسم مختص بالأثار او مختصين كفؤين، ولفتح قسم مختص بالاثار يجب توفر كفاءات ومختصين واصحاب شهادات عليا.

"العراق لديه اثار افضل من اي بلد اخر، وارى انه من الافضل للطلبة العراقيين ان يقوموا بالتطبيق والتنقيب في العراق بدل السفر الى الخارج للتعلم" هذا ما قاله مارك ويضيف "اذا افتتح قسم للأثار في السليمانية  سوف نعود انا وبقية زملائي من المنقبين والآثاريين العراقيين في بريطانيا للعمل هنا"

 



....................................................
* تقرير خاص باليونسكو

4 Comments

نحن لا نعير اثارنا التي من المفروض ان تكون هويتنا
لانعيرها اي اهميه
يوجد مواقع اثاريه في الناصريه لازالت تنهب بشكل يومي بدون ان يضعوا عليها اي حمايه
لا يوجد اي استراتيجيه للحفاظ على هذا الارث العظيم مع الاسف
Unknown said…
شئ مؤلم .ربما التنقيب مهمل ومحضور حسب اقتناعهم بأن الاشياء المطمورة تصبح نفطاً مستقبلاً ولهذا كثرت الحروب والجرائم والمقابر الجماعية.ارجو ان يتغير هذا الوضع قبل فوات الاوان..فلنا حضارة يحسدنا عليها العالم ..ابداعت استاذ محمد
الكواك - المتحف العراقي said…
ان تردي المستوى العام للواقع الاثاري في العراق يعود الى عدم استقدام وزراء لهم خلفية ثقافية والسبب الاخر ان مدير التنقيبات يجب ان يكون له خبرة في العمل الحقلي لكي يعرف معاناة واحتياجات منقب الاثار . اما المشكلة الاكبر هو استلام منصب رئيس بعثة للتنقيب وهو لايعرف استخدام المعول فكيف به اذا طلب منه توظيف وحدات التنقيب ومعرفة الطبقات السكنية من ادوارها. والكلام كثير والله يرحم عمل التنقيبات الاثرية . واتمنى من استاذنا المرحوم فؤاد سفر يطلع ويشوف التنقيبات .
الكواك- المتحف العراقي said…
تحياتي الى الاستاذ كمال رشيد واوجه له سؤال اليس من الضروري ان يكون هناك مؤتمر سنوي خاص بالتنقيبات وربط الفترات الزمنية والتاريخية بين شمال العراق وجنوبه والربط بينهما والوصول الى نتأئج . اما السؤال الثاني هل تهتمون باللقى الاثرية والعمارة في التنقيبات فقط حالكم حالنا وتهملون الهياكل العظمية وعظام الحيوانات وهل تحتفظون بها في مخازن خاصة في المتحف في رأئي ان اكتمل هذا الامر يعطينا صورة كاملة عن المستوطن الاثري . ولكم الاحترام.